Friday, March 03, 2006

اذن أنت تعتقد أنك بشر



تاريخ مختصر للجنس البشري
اذن أنت تعتقد أنك بشر
تأليف :فيليب فرنانديز ـ ارميستو



مؤلف هذا الكتاب هو البروفيسور فيليب فرنانديز ارميستو استاذ التاريخ الشامل للبيئة في جامعة لندن، وكان قد نشر سابقا عدة كتب نذكر من بينها، الحضارة، الطعام، اميركا.


وفي هذا الكتاب الجديد يتحدث المؤلف عن معنى الجنس البشري وما الذي يفرقه عن الحيوان او يجمعه به، وكنا نتوهم ان هناك قطيعة حادة ونهائية بين الانسان والحيوان فاذا بالعلم الحديث يكشف لنا خطأ هذا التوهم.


والسؤال المطروح في الكتاب هو التالي: ما هي خصوصية الانسان؟ في اي شيء تكمن يا ترى؟ والجواب يمكن تقديمه على النحو التالي: طيلة قرون عديدة كان الفكر الغربي يعتقد بامكانية التفريق القاطع بين الانسان والحيوان او بين الانسان وبقية الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة، والواقع ان مسألة الانسان وخصوصيته قد كانت شغلت الفكر البشري منذ 2500 سنة وحتى الان وتروى بهذا الصدد النادرة التالية:


في القرن الرابع قبل الميلاد حصلت مناظرة بين افلاطون، وديوجينوس حول طبيعة الانسان، وكان ذلك امام حضور كبير في احدى ساحات اثينا، وفي اثناء النقاش قال افلاطون بان الانسان هو الشخص الوحيد الذي يمشي على قائمتين وله جلد عار، وعندئذ ترك ديوجينوس الاجتماع فورا وغاب لفترة قصيرة ثم عاد وبيده دجاجة منتوفة، وقذف بها على الحاضرين قائلا: هذا هو انسان افلاطون! وكان يعني بذلك ان تعريف افلاطون للانسان لاغ ولا قيمة له.


في الواقع ان هناك عدة تعريفات للانسان، فأرسطو كان يقول بأنه الكائن الوحيد السياسي، او الحيوان السياسي الوحيد لكي نكون اكثر دقة.


فالحيوان لا علاقة له بالسياسة، ولا يهتم بها، وحده الانسان يعرف معنى السياسة وممارسة السياسة.


واما افلاطون فكما قلنا كان يرى ان الانسان هو الحيوان الوحيد الذي يمشي على قائمتين فقط في حين ان بقية الحيوانات تمشي على اربع قوائم، يضاف الى ذلك ان جلده غير مغطى بشعر كثيف كالقرد مثلا او بقية الكائنات الحيوانية.


واما الفيلسوف الفرنسي رابليه الذي عاش في القرن السادس عشر فكان يقول بأن الانسان هو الكائن الوحيد الذي يضحك، هذا في حين ان ديكارت كان يقول بأن الانسان هو الحيوان الوحيد المزود بالعقل، ولذلك قال عبارته الشهيرة: انا أفكر فأنا موجود.


ويرى المفكر الانجليزي توماس هكسلي من جهته ان الانسان هو الحيوان الوحيد الاخلاقي او الذي يعرف معنى السلوك الاخلاقي وما ينبغي فعله او لا ينبغي.


واما بالنسبة لأنغلز وكل المدرسة الماركسية فان الانسان يتم تحديده عن طريق استخدام الاداة، فهو الحيوان الوحيد الذي يعرف كيفية استخدام الاداة لقضاء اغراضه وحاجياته، ونعتقد بالاداة هنا بالنسبة للانسان البدائي آلات الصيد والقنص مثلا من رمح وسيف او أداة حديدية لتقطيع اللحوم، او اداة لاشعال النار والطبخ، الخ.


واما علماء الانثربولوجيا فيقولون بأن الانسان هو الحيوان الثقافي الوحيد في الكون وبالنسبة للعالم الشهير كلود ليفي ستروس فأن الانسان هو الكائن الوحيد الذي لايضاجع النساء المحرمات كالاخت او الأم مثلا، هذا في حين ان الحيوان لايراعي هذه النقطة ابداً.


واما عالم الالسينات الاميركي الشهير شومسكي فيرى ان الانسان هو الكائن الوحيد الذي يستخدم اللغة لكي يتواصل بها مع الاخرين فلا نجد حيوانا يتكلم مثلا وهو سائر في الطبيعة.


بالطبع فان نظرية التطور تعتقد بأن الانسان هو اصلا من سلالة القرد ولكنه انفصل عنها بفضل اكتساب بعض الخصائص التي تميزه كليا عن القرد.


ثم يتحدث المؤلف عن الحدود التي تفصل بين الانسان والحيوان ويقول: ما هي السمات او الخصائص او التصرفات التي تميز الانسان عن بقية الانواع الحية؟


بالطبع فان علماء البيولوجيا هم وحدهم القادرون على الاجابة عن هذا السؤال، وكذلك علماء الانثربولوجيا وفلاسفة الطبيعة، في الواقع ان الانسان ليس وحده الذي عرف الآلة او معنى الاداة، فالقرود المتطورة في سلالة الشمبانزي عرفت ذلك ايضا، واستخدمت بعض الادوات البدائية لتحقيق اغراضها، كالحجر القاطع، او كالعصا، او سوى ذلك من الادوات.


والانسان ليس وحده الذي يمشي على قائمتين فقط كما يتوهم الكثيرون، فهناك بعض انواع الشمبانزي التي تمشي على قدمين ايضا كالرجل، وبالتالي فإن افلاطون كانت معلوماته ناقصة عن الموضوع.


ثم يردف المؤلف قائلا: وحتى فيما يخص الاخلاق فأننا لا نستطيع ان نستبعد وجود مفهومي الخير والشر لدى بعض الحيوانات، والواقع ان المفكر الغربي في محاولته للبحث عن تعريف قاطع مانع للانسان وصل الى الجواب المسدود.


وقد عبر فرويد عن ذلك افضل تعبير عندما قال: على مدار القرون كان العلم قد اصاب غرور الانسان بجرحين نرجسيين، الاول عندما برهن له بأن الارض ليست في مركز الكون وانما هي عبارة عن قطعة صغيرة ضائعة وسط هذا الكون اللانهائي،


والثاني عندما برهنت لنا البيولوجيا ان الانسان ليس مخلوقا خاصا متميزا عن جميع المخلوقات وانما هو ايضا ينتمي الى عالم الحيوان في بعض جوانبه، فهو ايضا يأكل ويشرب ويتبرز ويتناسل مثله في ذلك مثل بقية الحيوانات.


بالطبع فأن الجرح الاول الذي اصاب الانسان كان نتيجة للثورة الكوبرنيكية واما الجرح النرجسي الثاني الذي اصاب غروره وكبرياء فكان نتيجة للثورة الداروينية، ولكن يبدو ان فرويد اساء فهم مقاومة الانسان لهذه الثورة الثانية، والدليل على ذلك ان الكثيرين من الناس في بلد متطور كانوا يرفضون الاعتراف بنظرية داروين.


والواقع انه اذا كان الغرب يعرف بوجود القردة الكبرى منذ ثلاثة قرون الا انه لم يقم بمقارنة حقيقية بينهما وبين الانسان الا منذ اربعين سنة، وقد وصل الأمر بأحد كبار علماء البيولوجيا المعاصرين الى حد القول: نحن نولد قردة ولكن التربية هي التي تحولنا الى بشر! اما القردة فتولد قردة وتظل قردة طيلة حياتها كلها.


وبالتالي فهناك حدود تفصل بين الحيوان، والانسان في نهاية المطاف، والانسان هو قمة الكائنات الحية لان الله سبحانه وتعالى زوده بالعقل والقدرة على تغيير او ضاعه وتحسينها نحو الافضل، وهذا ما لايستطيع الحيوان يفعله الا ضمن الحدود الدنيا.


الكتاب: اذن أنت تعتقد أنك بشر


تاريخ مختصر للجنس البشري


الناشر: مطبوعات جامعة اكسفورد 2004


الصفحات: 190 صفحة من القطع المتوسط



so you think you`re human?




a brief history of humankind




felipe fernandes - armesto




oxford university press 2004




190

0 Comments:

Post a Comment

<< Home